Friday, November 6, 2009

نيلسون

السابع من نوفمبر 1962

صدور الحكم بالسجن مدى الحياة على المناضل نلسون مانديلا


********
هناك اناس كثيرون يعتقدون انه من غير المجدي بالنسبة لنا الحديث عن السلام وعدم العنف ضد الحكومة التي لا ترد الا بهجمات عنيفة على اشخاص غير مسلحين ولا يملكون وسيلة للدفاع عن انفسهم
.
.


ارسل مانديلا بعد الحكم عليه بالسجن مدى الحياة الى سجن في جزيرة روبن يخضع لحراسة مشددة في خليج تيبل قبالة ساحل كيب تاون
وقام مانديلا بالدفاع عن نفسه وقال في دفاعه الذي استمر لمدة خمس ساعات وغلبت عليها العواطف "لقد تمسكت بمبدأ اقامة مجتمع ديمقراطي وحر يعيش فيه الجميع في انسجام وبفرص متساوية. انه مبدأ اتمنى ان اعيش من اجله وتحقيقه وانا على استعداد للموت من اجله اذا لزم الامر ذلك"


وكتب مانديلا في زنزانته التي اصبحت الان معلما سياحيا "يقابل المرء الوقت وجها لوجه عندما يكون في السجن. لا يوجد شيء يثير الفزع اكثر منه."
وفي الخارج كان الوقت قد بدأ ينفذ امام نظام التمييز العنصري. ومع وجود قيادات حزب المؤتمر الوطني الافريقي في السجن او المنفى ساعد الاطفال على استمرار الثورة.
وقتل المئات واصيب الالاف قبل سحق انتفاضة المدارس. لكن المتحررين البيض بدأوا يرون ان مانديلا الحل وليس المشكلة.
وبدأت حملة دولية للافراج عن مانيدلا مع تشديد الحكومات للعقوبات المفروضة على جنوب افريقيا التي عزلت البلاد عن العالم الخارجي.
واعلن الرئيس الجنوب افريقي فريدريك دي كليرك عام 1990 رفع الحظر عن حزب المؤتمر الوطني الافريقي والافراج عن مانديلا في فبراير شباط من هذا العام بعد سجنه لمدة 27 عاما.
واتى الضغط العالمي بثماره وتحسنت فرص اقامة نظام جديد في جنوب افريقيا.
لكن الامل تحول الى يأس
حين أدى اندلاع العنف في الاحياء الى القتال بين السود بعضهم البعض واتهمت قوات الامن في جنوب افريقيا بالتواطؤ في محاولتها للتقليل من شأن موقف حزب المؤتمر الوطني الافريقي.

وفي هذه الاثناء ناشد مانديلا مرارا الجنوب افارقة من اجل السلام لكن تم تجاهل دعوته على نطاق واسع.
وادرك المؤتمر الوطني والحكومة ان ايا منهما لا يملك الدعم الكافي لفرض ارادته على جنوب افريقيا.
واتفق مانديلا ودي كليرك على ابرام صفقات لتقاسم السلطة حتى اقامة انتخابات بموجب الدستور الجديد.
ولم يترك الكفاح من اجل جنوب افريقيا جديدة لمانديلا الا بالقليل من الوقت للاهتمام بحياته العائلية. وانجب مانديلا اربعة ابناء من زوجته الاولى وتوفي منهم اثنان قبل ان ينجب اثنين اخرين من زوجته الثانية ويني.
وانتهى زواج مانديلا من ويني بعد اتهام المرأة، التي امضت سنوات في حشد التأييد للافراج عن زوجها واصبح يطلق عليها "أم الامة"، بالخطف والتورط في اعتداء.
وبعد انفصالهما وطلاقهما في النهاية تزوج مانديلا وهو في الثمانين من عمره من جاركا ماشيل ارملة الرئيس الموزامبيقي الراحل.
واسفرت اول انتخابات متعددة الاعراق تجرى في جنوب افريقيا عام 1994 عن انتصار ساحق لحزب المؤتمر الوطني الافريقي. واصبح مانديلا في العاشر من مايو ايار 1994 اول رئيس اسود لجنوب افريقيا. وذاق الملايين طعم الديمقراطية لاول مرة. ورحب مواطنون من جميع الاعراق بنتائج التصويت ووصفوها بانها بداية جديدة للبلاد.
ووحد انتصار جنوب افريقيا بكأس العالم للرجبي عام 1995 الامة باكملها. وقدم مانديلا الذي كان من المغرمين بالرياضة الكأس لقائد الفريق فرانسوا بينار ليدعم موقفه مع مواطني البلاد الذين ينتمون لاصول بيضاء.
ورغم جميع مهاراته السياسية واجه مانديلا صعوبة في علاج الكثير من المشاكل الاجتماعية المزمنة في جنوب افريقيا وكانت ابرزها مشكلة العجز الحاد في اسكان الفقرا واستمرار الاحياء الفقيرة في التسبب في مشكلات للمدن الكبيرة.
لكن مانديلا نجح في اقناع الشركات متعددة الجنسيات في البلاد بالبقاء والاستثمار في جنوب افريقيا في فترة ما بعد نظام التمييز العنصري.
وفي ديسمبر كانون الاول 1997 تنحى مانديلا عن رئاسة حزب المؤتمر الوطني الافريقي لخليفته ثابو مبيكي.
لكنه استمر في شغل منصب الرئيس حتى تنحيه في صيف عام 1999 رغم اتهام البعض له بالاستبداد وحماية وزراء فاسدين وغير مؤهلين.
وفي مراسم مثيرة للعواطف عشية بدء الالفية الجديدة زار مانديلا مجددا الزنزانة التي امضى فيها 22 عاما من بين 27 عاما في جزيرة روبن واضاء شمعة رمزا للتصالح.
ورغم انه لم يعد رئيسا للبلاد الا انه مانديلا ما زال موضع احتفاء العالم.
وما زال مانديلا رغم وهن صحته يستخدم مكانته الفريدة ومهاراته السياسية على الساحة الدولية.
وقام مانديلا بدور الوسيط في اقناع الرئيس الليبي معمر القذافي بتسليم مواطنين ليبيين للمحاكمة في قضية تفجير طائرة فوق بلدة لوكيربي الاسكتلندية.
وعندما ادين احد الرجلين وهو عبد الباسط المقراحي في القضية زاره مانديلا في سجنه باسكتلندا.
وناشد مانديلا الرئيس الامريكي جورج بوش في اغسطس اب 2002 لعدم اتخاذ اجراء من جانب واحد ضد الزعيم العراقي صدام حسين.
ورغم تقدمه في السن الا ان جدول اعمال مانديلا ما زال مشحونا وقاد حملة بلاده الناجحة لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم التي ستقام عام 2010 والدعوة للحصول على مساعدة دولية في جهود جنوب افريقيا لمكافحة انتشار فيروس اتش.اي.في ومرض الايدز ومرض السل.
واعتزل مانديلا الحياة السياسية اخيرا في يونيو حزيران 2004 وقال للعالم
"لا تتصلوا بي سوف اتصل انا بكم."
ولم يتخل مانديلا، الذي لا يحمل اي ضغائن وكان يحترمه حتى خصومه السياسيين، عن رؤيته الخاصة بجنوب افريقيا غير العرقية وهي الرؤية التي عاش ليراها تتحقق خلافا لما كان متوقعا


وتبقى كلمته الخالدة
اننا نقتل أنفسنا حين نضيق خياراتنا في الحياة

1 comment:

  1. صديقي واستاذي
    احييك على كم المعلومات اللى بتُمتعنا بيها فى كل تدوينه لك خاصتا على مدونتك هذه

    ReplyDelete